كلمة مدير المركز

بسم الله الرحمان الرحيم

إنه لشرف عظيم أن نحظى بثقة مجلس حكومة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، المنعقد يوم الخميس 29 أبريل 2021، للمصادقة على اقتراح تعييني مديرا لمركز التوجيه والتخطيط التربوي، بعد مسيرة طويلة موفقة ومفعمة بعدة تجارب ومنجزات سواء على المستوى الإداري أو التربوي  أو العلمي. فمركز التوجيه والتخطيط التربوي يعتبر مؤسسة عريقة ولها مكانة مهمة داخل منظومة التربية والتكوين. لا يخفى عليكم الدينامية التي تعيشها منظومة التربية والتكوين من خلال تنزيل مضامين القانون الإطار 51/17، فهي تحظى باهتمام خاص، إذ تعتبر ثاني أولوية بعد الوحدة الترابية للمملكة وإحدى اللبنات الأساسية التي تعول عليها بلادنا لتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالرأسمال البشري والارتقاء بالفرد والمجتمع. فنحن واعون أن مستقبل بلادنا رهين بتحقيق أهداف الإنصاف والجودة والارتقاء، وتوفير مدرسة قادرة على تأهيل العنصر البشري، وتزويد المجتمع بالكفاءات الكفيلة بحمل مشعل التنمية، والانخراط في مجتمع الاقتصاد والمعرفة والتكنولوجيا، من أجل المساهمة الفعلية في النموذج التنموي المنشود. إن ورش إصلاح المنظومة التربوية يعد قضية مجتمعية ومسؤولية مشتركة بين جميع مكونات المجتمع، يتطلب تضافر جهود جميع المتدخلين والشركاء للنهوض بمنظومة التربية والتكوين وتحقيق الأهداف المنشودة.

إن مركز التوجيه والتخطيط التربوي، يعد المؤسسة الوحيدة التي تكون أطر التوجيه والتخطيط التربوي منذ مايزيد عن نصف قرن، حيث فاق عدد الخريجين 3260 خريجا تمثل النساء منهم تقريبا 8,4%  ، موزعين على جميع مصالح الوزارة مركزيا وجهويا ومحليا. والعديد منهم يشاركون في التدبير الإداري التربوي. فيمكن أن أن نصرح بأن مركز التوجيه والتخطيط التربوي هو تراث وطني والذي بفضل مكوناتها المادية وغير المادية يستحق مكانة خاصة.

إن تصورنا لتدبير المركز استحضر السياقات العامة، من توجيهات ملكية والتي أعطت مكانة خاصة لمنظومة التربية والتكوين، حيث تتبوأ مراكز التكوين فيها  مكانة خاصة في تفعيل سلسة الإصلاحات التربوية وتحقيق المشاريع. و دستور المملكة 2011، الذي أكد على اعتماد إصلاحات تعكس المبادئ والقيم على مستوى البرامج وطرق التكوين. والرؤيا الاستراتيجية 2015-2030 التي حثت على تجديد مهن التربية والتكوين والتدبير باعتبارها مدخلا أساسيا لجودة أداء المنظومة التربوية. كما أنها حثت على مراجعة شاملة لنظام التوجيه التربوي والمهني والجامعي. كما أن الرؤيا الإستراتيجية دعت إلى تطوير نظم البحث العلمي والتقني والابتكار للانخراط في المسار التطوري الذي بدأت تعرفه العديد نم البلدان،  ثم القانون الإطار 51/17 الذي أكد على تأهيل وتنمية قدرات الأطر العاملة بمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ومستوياتها، والرفع من أدائهم وكفاءتهم المهنية، من خلال ملاءمة أنظمة التكوين مع المستجدات التربوية والبيداغوجية والعلمية والتكنولوجية.

كما أن تصورنا لتدبير المركز، اعتمد مدخل البحث العلمي التربوي من خلال إنجاز عدة دراسات: منها من تبنت مقاربة تحليلة لمراسيم مراكز التكوين، ومنها من تبنت مقاربة الجودة عبر استعمال أدات لقياس جودة مخرجات المركز من خلال آراء عينة من الخريجين. ومنها من اعتمدت تقنية التحليل الرباعي للوقوف على نقط القوة والضعف والفرص والتهديدات. بالإضافة إلى مخرجات الندوة الوطنية التي نظمت بمركز التكوينات والملتقيات الوطنية أيام 2 و3 مارس 2019 حول الارتقاء بأداء المركز.

فجميع السياقات أبرزت أهمية التخطيط والتوجيه التربوي في منظومة التربية والتكوين، حيث مركز التوجيه والتخطيط التربوي مدعو للمساهة الفعالة في تحسين أداء المنظومة. ونحن على يقين بأن إشعاع المركز سيكون له وقع إيجابي على المنظومة  وسيساهم في تنمية الأفراد والمجتمع.

نحن واعون بأن مسؤولياتنا الجديدة تهم أساسا :

  • الحرص على احترام النصوص التشريعية والتنظيمية الحالية والتنظيم الداخلي للمركز؛
  • تدبير  وتنسيق جميع أنشطة المركز؛
  • تدبير شؤون جميع الموظفين المعينين بالمركز؛
  • الحرص على ضمان حسن استكمال الدراسات وأشغال مراقبة المعلومات واتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لذلك؛
  • التفاوض حول اتفاقيات الشراكة التي تعرض على مجلس المؤسسة للمصادقة علها؛
  • إجراء تقييم دوري يهدف إلى الرفع من الأداء الداخلي والخارجي ويؤثر على كافة الجوانب التربوية والإدارية والبحثية.

كما أننا واعون بأن البيئة التي سنعمل فيها تستحضر العديد من العلاقات والشركاء من داخل وخارج المركز:كالتشاور مع مجلس المؤسسة ومجالس التكوين والمستشارين المتدربين والجمعيات والنقابات، والمجتمع، والموارد البشرية للمركز، ومصالح وزارة المالية وعدة مصالح وزارة التربية الوطنية ( كالوحدة المركزية للتكوين، والموارد البشرية، والوحدة المركزية للتوجيه، ومديرية التخطيط …والعديد من الشركاء المهتمين بدعم قدرات المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي).

لكل هذه الاعتبارات، وإدراكًا منا لأهمية وضع المركز في قلب مشاريع قطاع التعليم ، ومراعاة الأدوار المنوطة به في تكوين المستشارين في التوجيه التربوي والتخطيط ، وفي تحقيق أهداف الرؤية الاستراتيجية (2015-2030). وتطوير المنظومة ، أخذنا المبادرة لوضع خطة جديدة لتطوير المركز وتهدف أسسها إلى تحقيق إجراءات مبتكرة مع الاستفادة من الخبرات الجيدة المتراكمة.

لقد اخترنا لمشروعنا شعار ” نحو هندسة جديدة متناغمة مع القانون الإطار 51/17 للرفع من أداء مركز التوجيه والتخطيط التربوي والتدبير الإداري”  ووضعنا لمشروع المركز الركائز الأساسية التالية : الحكامة ؛ التكوين والتكوين المستمر؛البحث العلمي التربوي ثم التواصل الشراكة .

فالحكامة الجيدة تستوجب أولا احترام النصوص القانونية المنظمة للمركز وضمان استمرارية الإصلاحات وإشراك جميع البنيات واعتماد تقييم مؤسساتي وتحميل المسؤوليات واحترام المهام والاختصاصات وتحديد المسؤولين عن المشاريع وتحديد الحاجيات الضرورية من موارد مالية و بشرية وآليات العمل .

كما أن  نجاعة التكوين والتكوين المستمر بالمركز تتطلب بالأساس وضع هندسة جديدة للتكوين تتماشى مع متطلبات الوزارة وواقع عمل المستشارين والتطور الذي تعرفه منظومة التربية والتكوين والتحولات التي يعرفها العالم والتي لها علاقة بالتوجيه والتخطيط التربوي بالإضافة إلى نهج أنماط تكوينات جديدة ( تكوينات عن بعد وتكوين ذاتي) والتي تمكن من تدبير الأزمات كجائحة كورونا أو الاكتظاظ.

أما على مستوى البحث العلمي، وأخذا بعين الاعتبار ما راكمناه من خبرة بالوحدة المركزية للبحث التربوي كمسؤول عن قسم  توجيه وتنسيق البحث وكمدير للمجلة المغربية المحكمة للتقييم والبحث التربوي، نؤمن بأن البحث هو الذي سيضمن إشعاع المركز وسيمكن من الإجابة عن العديد من الإشكالات التي تهم منظومة التوجيه والتخطيط والتدبير التربوي. كما أن تحفيز الأساتذة الباحثين يمر عبر خلق مختبرات للبحث و عبر تثمين منتوجاتهم البحثية من خلال نشرها بمجلات مفهرسة. لأجل ذلك وضعنا مخططا سنويا يروم عقد ندوات دولية ونشر مجلات علمية حتى نضمن للمركز مكانته الوطنية والدولية، وعبر تحفيز الأساتذة الباحثين وجميع المكونين للمشاركة على نشر كتب جماعية سنختار لها محاور تتماشى مع مضامين القانون الإطار 51/17.

أما فيما يخص نقطة التعاون و الشراكة، فنؤمن بالعمل بمبدأ ” رابح رلبح” حتى يعمل الجميع على بلوغ الأهداف المسطرة في وثيقة الشراكة. لذلك وضعنا مخططا يستهدف استرجاع شركاء فاعلين( المعهد الدولي للتخطيط والاحصاء)  والبحث عن شركاء جدد (كالمعهد العلمي والتقني..) والاستمرار بالعمل مع الباقين ( ككلية علوم التربية والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، …).

أما فيما يهم مسألة التواصل فسنعمل على خلق بوابة رسمية ومهنية للمركز وتفعيل تسجيل الدروس بالاستوديوهات المعدة لذلك لتجميع أرشيف رقمي يستفيذ منه المستشارون المتدربون خاصة أثناء التكوين عن بعد.

ونظرا لأهمية الجوانب السوسيو نفسية وآثارها على التكوين، فسنعمل بشراكة مع البنيات المؤسساتية وجمعية المستشارين على تنظيم أنشطة موازية للتكوين . كما أننا سندرس جميع النقط التي يمكن أن تقدم حلولا للتقليل من ضغوطات التكوين في حدود الإمكانات المتوفرة.

 أما فيما يخص تنظيم مباراة ولوج المركز فقد سجلنا ارتياحا كبيرا لجميع العمليات التي قمنا بتنسيقها بشراكة مع المركز الوطني للامتحانات والتوجيه والتي انخرط فيها تقريبا جميع أساتذة المركز بدءا من إعداد مواصفات الاختبارات مرورا بالتصحيح الآلي الرقمي ووصولا إلى المقابلات الشفوية والتي تمت في أحسن الظروف عبر استعمال تقنية المناظرات الرقمية.

كما سنعمل على تشجيع جميع المبادرات المجددة الفردية أو الجماعية لدى الأساتذة أو المستشارين المتدربين،  عبر تخصيص جائزة التميز السنوية .

إن إرساء تجديد مستدام بمركز التوجيه والتخطيط هو شيء يمكن تحقيقه شريطة :

أولاً ، وجود مختبر للأفكار حيث يمكن للأفراد أن يدلوا بأفكار متجددة  دون أن يتم رفضها؛

ثم وسائل تحقيق هذه الأفكار وإيصالها والنصوص الرسمية المؤيدة لهذه  الأفكار وتشهد على وجودها.

وأخيرًا ، حركة وتحفيز المشاركين في مشاريع التغيير.

بالإضافة إلى ذلك ، يجب تفضيل الشبكات  القائمة على المهنية ومعرفة وفهم مقاومة التجديد وتمثيل جميع الهيئات من قبل الأشخاص الذين يشعرون بأنهم حاملين لقيمة مضافة.

فلسفة تدبيرنا للمركز سترتكز على الإنصات و نهج العمل الجماعي البناء والحامل للأفكار الإيجابية  وإشراك المؤسسات واحترام القوانين المعمول بها.

أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير  وأن يحفظ عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.